يعيش المغرب، منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، العرش، على إيقاع دينامية تنموية تضع رفاهية المواطن المغربي في صلب أهدافها، وتجعل منه القوة الدافعة الأساسية لها، وذلك بفضل مشاريع مهيكلة تخلق القيمة المضافة، وتجسد طموح مملكة تستشرف المستقبل.
وبفضل هذه المشاريع أصبح المغرب نموذجا على المستويين الإقليمي والقاري. فميناء طنجة المتوسط، وميناء الداخلة المطل على المحيط الأطلسي، وخط القطار فائق السرعة، والمطارات المجهزة بأحدث الوسائل التكنولوجية، وما يقرب من 2000 كيلومتر من شبكة الطرق السيارة، والعديد من المشاريع الأخرى واسعة النطاق، جعلت المغرب، اليوم، بلدا صاعدا، يكرس ريادته في محيطه القريب وخارجه.
وبالفعل، وبفضل المبادرات الملكية المتعددة، أصبحت المملكة ورشا مفتوحا، حيث انطلقت مشاريع ذات بعد استراتيجي تهدف من جهة، إلى تحسين مستوى معيشة المغاربة، ومن جهة أخرى، إرساء أسس اقتصاد تنافسي.
تعكس السياسة المساهماتية للدولة التوجهات الاستراتيجية التي صادق عليها المجلس الوزاري الأخير، الذي ترأسه جلالة الملك محمد السادس يوم السبت فاتح يونيو 2024 بالقصر الملكي بالدار البيضاء.
ويتم ذلك من خلال وضع رؤية شاملة للإصلاح بتحديد الأهداف العامة والتموقع الجديد للدولة في هذه القطاعات العمومية ودورها في تدبير وضمان حكامة هذه القطاعات، بهدف تحقيق تكامل وانسجام بين مهامها وتحسين نجاعتها، وبالتالي تحقيق نتائج أفضل.
ويعد إصلاح قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية، محورا رئيسيا في التوجهات الاستراتيجية للسياسة المساهماتية للدولة، التي تم اعتمادها تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، بهدف إعادة تشكيل المحفظة العمومية وتحسين تدبيرها، حيث ستلعب الوكالة الوطنية المكلفة بالتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة دورا أساسيا في هذا الإصلاح.
وستلعب الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع نجاعة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية دورا محوريا في هذه الإصلاحات المعتمدة، من خلال الإشراف وتقييم أداء الشركات العامة، لضمان تحقيق الأهداف المسطرة.
تشهد حالة المناخ بالمغرب، كباقي دول العالم، تغيرات عديدة ميزها بالأساس الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، مما يجعل المملكة عُرضة للظواهر المناخية القصوى؛ والمتمثلة أساسا في موجات الحر الشديد، والجفاف، والفيضانات، مما يؤثر على ملايين الأشخاص ويكلف خسائر مادية فادحة.
الظواهر المناخية القصوى لا تؤثر فقط على الأشخاص، ولا يمكن الاستهانة بهذا الجانب الاجتماعي الهام جدا، لأنه يتعلق أصلا بوجود الإنسان وراحته وسلامته على كوكب الأرض، ولكن الآثار تتعدى ذلك إلى الجانب الاقتصادي، ما يستدعي أن يؤخذ ذلك في عين الاعتبار خلال وضع السياسات.
الفلاحة تمثل في المغرب القطاع الاقتصادي الأول، وهي التي تظهر عليها آثار التغيرات المناخية بشكل مباشر، وقبل غيرها من القطاعات.
ومع توالي الجفاف، طرحت مشاكل الإجهاد المالي وتوفير الغذاء، ما يفرض ضرورة تكييف الزراعات. وهو ما تم فيه قطع أشواط مهمة من خلال مخططات الدولة والبحث الزراعي، كما الشأن بالنسبة للتطور الحاصل على مستوى الرصد وضبط أنظمة الإنذار.
وبسبب التغيرات المناخية، تطرح مشاكل التأقلم على قطاعات متعددة، من قبيل القطاع المالي، وتدبير المخاطر على البنوك وشركات التأمين وعموم المقاولات العاملة في هذا المجال.
يتجه المغرب، تحت ضغط التغيرات المناخية، وما تفضي إليه من توالي سنوات الجفاف، إلى الانتقال من تدبير الإجهاد المائي إلى الاستعداد لمواجهة خطر الندرة.
ذلك ما يؤشر عليه تراجع رصيد المغرب من المياه الذي مافتىء يتراجع بشكل حاد في الأعوام الأخيرة. فقد انخفض نصيب الفرد من المياه من 2500 متر مكعب في الستينيات من القرن الماضي إلى 600 متر مكعب حاليا، وهي حصة ينتظر أن تتقلص إلى 500 متر مكعب، ما يدق ناقوس خطر حقيقي بالنسبة للسلطات العمومية وعموم الناس.
ويتعاظم القلق في ظل حقيقية مفادها أن الظواهر القصوى الناجمة عن التغيرات المناخية، مثل الجفاف الذي يمتد على مدى سنوات، أضحت معطى هيكليا وليس ظرفيا، ما يطرح مسألة حماية حق الأجيال القادمة في الماء، بما يستدعيه من نهج سياسات عمومية تقوم على تحسين الحكامة وعقلنة استعمال المياه.
وقادت الوضعية الحالية السلطات العمومية إلى اتخاذ تدابير استعجالية، تندرج ضمن رؤية استراتيجية ترمي إلى تبني مقاربة مندمجة للماء، عبر التخطيط والتوقع الذي يأخذ بعين الاعتبار معطيات التغيرات المناخية، حيث يزاوج المغرب بين السعي إلى تعبئة المياه التقليدية عبر السدود واختبار الوسائل غير التقليدية من قبيل تحلية مياه البحر ومعالجة المياه العادمة، بهدف تحقيق الأنصاف في توزيع المياه المياه بين الجهات وبين الفلاحة والشرب.
كانت سنة 2023 مختلفة عن باقي السنوات الأخيرة بكل المقاييس، فقد حفلت بالأخبار السارة، من قبيل الإعلان عن تنظيم كأس العالم لكرة القدم لسنة 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال. كما كان لها نصيب من الأحداث المحزنة كزلزال الحوز المدمر، أو الأحداث المؤسفة كأزمة التعليم التي طالت أكثر من اللازم...
في المقابل، هناك دائما الوجه الآخر للعملة، فالزلزال كشف عن الحس التضامني الكبير للمغاربة، والتفاعل للسريع للدولة مع ما وقع، وأزمة التعليم عرّت عن العديد من وجوه القصور في المنظومة التربوية، وأيضا عن حس المسؤولية لدى المشاركين في الحوار، من أجل عودة التلاميذ إلى المدارس واستدراك ما ضاع من الزمن المدرسي.
تنتهي سنة 2023 وتنطلق 2024 على موعد مع استكمال ورش الحماية الاجتماعية والدعم الاجتماعي المباشر ودعم الدولة للسكن الرئيسي...
كان الزلزال الذي ضرب، ليل الجمعة 08 شتنبر 2023 منطقة الحوز مدمرا، وخلف حوالي 3000 قتيل والعديد من الجرحى وخسائر مادية فادحة. لكن السلوى كانت من جلالة الملك محمد السادس الذي عقد ثلاث جلسات عمل، أعطى جلالته خلال الأولى تعليماته السامية لإعداد برنامج استعجالي لتعويض المتضررين وإعادة البناء. وتابع ذلك خلال الجلستين التاليتين، متتبعا تفاصيل عمليات الإنقاذ وإعداد خارطة طريق لإعادة البناء وتنمية كل المناطق المتضررة.
ولم يكتف جلالة الملك بالجلسات الثلاث بل زار المصابين في المستشفى الجامعي بمراكش، وتبرع بدمه.
وكان لافتا أنه مباشرة بعد هذه الكارثة الطبيعية عرفت البلاد تعبئة وطنية تلقائية، كان عنوانها البارز تضامن نموذجي والتزام مدني.