رياضة
مونديال 1978 .. كمبيس يحلق شاربيه ليفوز بالكأس
10/11/2022 - 10:51
أ.ف.بقبل سنتين على انطلاق البطولة، شهدت البلاد مجيء مجلس عسكري بقيادة الجنرال خورخي فيديلا، بعد انقلاب قضى على حكم الرئيسة إيسابيل بيرون، وسط أعمال عنف ذهب ضحيتها 10 آلاف قتيل، 15 ألف مفقود و8 آلاف سجين بحسب منظمة العفو الدولية.
اعتقل أسرى "الحرب القذرة" في معسكر "إسما" السيء السمعة، على مقربة من ملعب مونومنتال، مضيف المباراة النهائية بين الأرجنتين وهولندا (3-1).
هددت بعض الدول، خصوصا الأوروبية، بالمقاطعة، لكن الاتحاد الدولي (فيفا) برئاسة البرازيلي جواو هافيلانج أصر على استضافة الأرجنتين، بعد مفاوضات صعبة وشاقة مع النظام العسكري الذي تعهد بألا تعكر أي حادثة أمنية صفو النهائيات.
مدرب الأرجنتين سيسار لويس مينوتي، المعارض للنظام، علق قبل النهائي على مسألة الدعاية (بروباغندا) عبر منتخب "ألبي سيليستي": "نحن الشعب، ننتمي للطبقة الكادحة، نحن الضحايا، نمثل الشيء القانوني الوحيد في هذا البلد +كرة القدم+". وأضاف "لن نلعب لمدرجات مليئة بالضباط، العسكريين، بل نلعب لأجل الشعب، لن ندافع عن الديكتاتورية، بل عن الحرية".
كان يوهان كرويف أحد أفضل لاعبي العالم، وقاد هولندا قبل أربع سنوات إلى الوصافة، بأسلوب كرة شاملة سحر العقول والقلوب. لكن "الهولندي الطائر" أعلن نهاية 1977 اعتزاله دوليا عن 30 عاما، في قرار تباينت تفسيراته ودوافعه، بين دعمه ضحايا النظام، ورضوخه لقرارات زوجته، أو تعرضه لمحاولة خطف.
قال كرويف لاذاعة كاتالونيا إن مسلحين دخلوا بيته ليلا محاولين اختطافه مقابل فدية "كنت أواجه مشكلات في تلك الفترة من مسيرتي... وضعت بندقية في رأسي، قيدت زوجتي، وكان الأطفال في الشقة في برشلونة".
تمكن من الإفلات بطريقة ما، لكن هذه الحادثة غيرت نظرته للحياة، وضعت شقته تحت مراقبة الشرطة نحو أربعة اشهر ورافق حراس أولاده الى المدرسة. خوفه على عائلته منعه ربما من المشاركة في كأس العالم. "لتخوض كأس العالم يجب أن تكون جاهزا بنسبة 200%. هناك لحظات توجد فيها قيم أخرى في الحياة". وفي مقابلة أخرى مع صحيفة بيروفية، قال: "لو كان السبب سياسيا، لما لعبت في إسبانيا (مع برشلونة) تحت ديكتاتورية فرانكو".
اعتمد نفس نظام 1974، بتأهل بطلي مجموعتي الدور الثاني إلى النهائي. أقر فيفا ركلات الترجيح للمرة الأولى، لكنها لم تبصر النور قبل 1982.
نسي الفرنسيون قمصانهم الزرقاء البديلة على بعد 400 كلم من ملعب مواجهتهم مع المجر، فاستعاروا قمصان فريق كيمبرلي المغمور مقلمة بالأخضر والأبيض، ليتأخر انطلاق المباراة ثلاثة أرباع الساعة.
وبقرار غريب، ألغى الحكم الويلزي كلايف توماس هدفا للبرازيل سجله زيكو في مرمى السويد في الدور الاول، مطلقا صافرة النهاية فورا بعد تنفيذ الركنية.
في باكورة مشاركاتها، أصبحت تونس أول دولة إفريقية وعربية تحقق فوزا في النهائيات، على المكسيك 3-1، وكادت تنتزع بطاقة التأهل لو تغلبت على ألمانيا الغربية (0-0).
أمتع طارق ذياب، أفضل لاعب إفريقي في 1977 بدقة تمريراته بالقدم اليسرى، وقال المدرب عبد المجيد الشتالي "كانت الناس تسخر من الكرة الإفريقية، أعتقد ان هذا الزمن قد ولى".
وفيما ضمنت هولندا، رغم اعتزال كرويف، بطاقة النهائي متصدرة مجموعة ضمت إيطاليا وألمانيا الغربية والنمسا، جاء تأهل الأرجنتين عن الثانية جدليا .
تعادلت مع البرازيل بالنقاط، ثم فازت الأخيرة على بولندا 3-1، ما وضع أصحاب الأرض أمام ضرورة الفوز على البيرو بفارق أربعة أهداف. لكن النتيجة جاءت 6-0!
حامت شكوك حول دفع رشوة لحارس البيرو رامون كيروغا، المولود في روساريو الأرجنتينية، لكنه نفى نفيا قاطعا، فيما أكد آخرون أن لاعبي بيرو تعرضوا لتهديدات بالقتل، وادعى موظف مدني أرجنتيني أن بيرو حصلت على شحنات حبوب كجزء من صفقة مع نظام فيديلا مقابل الخسارة.
بلغت الأرجنتين النهائي للمرة الثانية، بعد نسخة 1930 الأولى التي خسرتها أمام الأوروغواي 2-4، فيما تواجهت هولندا مع الدولة المضيفة مرة ثانية تواليا .
أمام جمهور أرجنتيني شغوف ناهز 72 ألف متفرج، أقيم النهائي في ظل عواصف من الورق الأزرق والأبيض المتناثر، المعروف باسم "بابيليتوس"، وهو تقليد أمريكي جنوبي يقضي برمي قصاصات الورق لإظهار الاحتفالات، لكنها تلوث أرض الملعب.
كان ماريو كمبيس الأرجنتيني الوحيد المحترف خارج البلاد، بعد إحرازه لقب هداف الدوري الإسباني مرتين مع فالنسيا. قرر حلق لحيته بعد صيامه عن التسجيل في أول مباراتين، لكنه عجز مجددا في الثالثة. قال له مينوتي "لم لا تحلق شاربيك أيضا، ربما ينقلب حظك وتتذكر كيف تسجل الأهداف".
حلق كمبيس شاربيه، فسجل 6 مرات في أربع مباريات، ليتوج بلقب الهداف، بواقع ثنائية في مرمى كل من بولندا والبيرو والأغلى أمام هولندا في النهائي.
بعد انتهاء الوقت الاصلي بالتعادل 1-1 وارتداد كرة الهولندي روب رنسنبرينك في الرمق الأخير من القائم، سجل "سوبر ماريو" هدفه الثاني في الدقيقة 105، قبل أن يقضي دانيال برتوني على آمال الطواحين، فسلم الجنرال فيديلا الكأس للقائد دانيال باساريلا وسط أجواء احتفالية.
قال كمبيس في إشارة إلى تمسك باساريلا بالكأس "لم يكن بمقدورنا القيام بلفة احتفالية كاملة بالملعب، حتى إني لم ألمس الكأس". في المقابل، تحسر رنسنبرينك على فرصة قتل المباراة في وقتها الأصلي "لو كان مسار تسديدتي مختلفا بمقدار خمسة سنتيمترات، لكنا أبطال العالم. علاوة على ذلك، كنت لأتوج بلقب الهداف وربما أفضل لاعب في البطولة. كل ذلك في مباراة واحدة".
وتذكر زميله رود كرول في كتاب "البرتقاليون الرائعون": "كنا في فندق خارج بوينوس أيرس، وأخذونا في طريق طويل حول الملعب. توقفت الحافلة في قرية وبدأ الناس يقرعون على النوافذ ويصرخون +أرخنتينا، أرخنتينا+ لمدة عشرين دقيقة علقنا في القرية".
رفض الهولنديون الغاضبون حضور حفل الختام وقال رنسنبرينك "الأمن كان كارثيا. الجماهير مجنونة. ماذا كان سيحدث لو فزنا؟".
عولت الأرجنتين على قائد دفاعها باساريلا، لاعب الوسط الدفاعي أوسفالدو أدريليس، الهداف كمبيس بالإضافة إلى الحارس أوبالدو فيول المكنى "إل باتو" (البطة).
بإنجازاته، ساهم بوصول الارجنتين الى اللقب، لكن مشاركته لم تكن مؤكدة لرفضه لعب الدور البديل، ما دفع مينوتي إلى القول "قد يعتقد فيول انه بيليه، لكنه ليس كذلك". إصابة الأساسي أوغو غاتي اجبرت مينوتي في نهاية المطاف على استدعاء فيول.
قبل حقبة الولد الذهبي مارادونا، حسمت الأرجنتين لقبها الأول بفضل لعب جماعي تحدث عنه أرديليس قائلا "الخسارة أمام ايطاليا (في الدور الأول) أجبرتنا على خوض الدور الثاني في روساريو، وهو ما ناسبنا أكثر من بوينوس أيرس. ارتكزنا على الجماعية بدلا من الفردية".
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة
رياضة