مجتمع
أطفال القمر يتوقون إلى الخروج من الظلام
04/01/2021 - 14:10
حليمة عامرلا يتخيل أحد أن هناك أناسا نادرين بيننا، محجوبين عن الشمس في الحياة، " فأطفال القمر" تسمية لأطفال يعيشون في الظلام، ولا نكاد نعرف عنهم شيئا، مثلما هم لا يعرفون عن ضوء الشمس شيئا إلا ما يسمعونه من غيرهم من الناس، فهم لا يستطيعون حتى اللعب والتجوال كباقي الأطفال.
ويتخذ أطفال القمر من الظلام والواقي الذي يغطي وجههم واقيا لهم، إلى جانب بعض جلسات العلاج والوصفات الطبية التي يجدون أنفسهم مقيدين باتباعها مدى الحياة.
من هم "أطفال القمر"؟
ويعد أطفال القمر، أو ما يسمى بجفاف الجلد الاصطباغي، هم مرضى تسبب لهم أشعة الشمس حساسية مفرطة، ومع مرور الوقت، قد يؤدي ذلك إلى أمراض السرطان ومشاكل صحية أخرى عديدة إن لم تتم السيطرة على الحالة واتخاذ الإجراءات الوقائية والعلاجية اللازمة في أقرب وقت.
وكشفت الدكتورة نادية رضوان، طبيبة الجلد والأمراض التناسلية، في تصريح لـ "SNRTnews"، أنه يمكن لأشعة الشمس أن تسبب لـ"أطفال القمر" حروقاً فورية والكثير من المضاعفات طويلة الأمد، وهو ما يجعلهم يبدون حساسية مفرطة تجاه أشعة الشمس من خروجهم في واضح النهار أمراً مستحيلا وصعبا.
وتقول الطبيبة إن " مرض أطفال القمر أحد الأمراض الوراثية النادرة جداً، وله ما يقارب 8 أنواع معروفة حتى يومنا هذا، وعادة ما يتم تشخيصه قبل الولادة أو في مرحلة الطفولة المبكرة، حيث يبدو على المصاب بهذا المرض العديد من الأعراض، والتي غالبا ما تبدأ بالظهور عنهدم منذ الطفولة المبكرة، وغالبا ما قد تتأخر الأعراض لتظهر عند حالات نادرة في مراحل الطفولة المتأخرة أو في سنوات البلوغ الأولى.
حياة استثنائية
وتروي "سناء"، 28 سنة، لـ"SNRTnews"، معاناتها مع مرض جفاف الجلد الاصطباغي، حيث ترى نفسها شابة ذات بشرة استثنائية بين أقرانها، لأنه يغطي بشرتها نمش منتشر بكثرة، خاصة على وجهها وعنقها وكفيها.
وتعتبر أن أطفال القمر إذا أرادوا أن يدرسوا ويتعلموا ويبحثوا عن فرصة عمل وعيش حياة طبيعية مثل الاخرين، عليهم أن يخوضوا نضالا ضد هذا المرض وضد أعين المجتمع، حيث يضطرون للخروج للأماكن العامة بلباس خاص وقناع واق من أشعة الشمس؛ يلازمهم مدى الحياة، فلم تجد سناء مشكلة في التأقلم مع القناع الذي فرضه فيروس كورونا على الناس، الذين لم يستسيغوه إلا بعد مدة، لأنها اعتادت عليهم مند اكتشافها لهذا المرض وهي طفلة صغيرة.
وإلى جانب هذه الإجراءات الاحترازية من أشعة الشمس، التي اتخذتها "سناء"، تتابع علاجها بعيادتين طبيتين بالدار البيضاء، لأن هذا المرض تسبب لها في جفاف العيون، وتساقط الرموش، فضلا عن صعوبة بلع الطعام.
غياب الإحصائيات الرسمية
من جهته، كشف لحبيب عزاوي، رئيس جمعية التضامن مع أطفال القمر في الدار البيضاء بالمغرب، أنه لا توجد إحصائيات وطنية حول مرضى جفاف الجلد المصطبغ، حيث يعتبر أن الإحصائيات الوحيدة، التي توجد حاليا، هي عدد المرضى المنخرطين في الجمعية، والبالغ عددهم 500 حالة، لكن العدد في تزايد.
ويعتقد عزواني أن هذه الشريحة مقصية ومهمشين من جميع المستويات، سواء تعلق الأمر بالتطبيب أو التمدرس أو التشغيل وإدماجهم داخل المجتمع، مشددا "لكن الأصعب بين هذه المعاناة هو مشكل الطبيب، لأن هذا المرض يتم علاجه على مدى الحياة.
ويحتاج المرضى إلى إجراء عمليات جراحية باستمرار وإلى النظارات والواقي من أشعة الشمس، فضلا عن متابعة العلاج لدى أطباء مختصين لمتابعة حالتهم، لأن كل نوع من بين أنواع هذا مرض يختلف عن الثاني، غير أن المرض الأكثر انتشارا بالمغرب هو جفاف الجلد المصطبغ، الذي يرمز له بالمجموعة "س"، حسب لحبيب عزاوي.
علاج جد مكلف
ويعد أطباء القطاع الخاص البديل الذي لا مفر منه للمرضى متلازمة جفاف الجلد المصطبغ المغلوب على أمرهم، طلبا للشفاء من مرض أنهكهم، رغم غلاء العلاج، بحسب ما كشفت عن ذلك سناء، فكل مختص يفرض الثمن الذي يوافقه، رغم أن مرض أطفال القمر هو مرض مزمن لا دواء معروف له حتى اليوم، فهي تعالج بعض الأعراض التي سببها لها وحسب.
ويبرز غزاوي أن علاج هذا المرض جد باهض الثمن، لكن الجمعية تقوم بتزويدهم بالمراهن الجلدية، المكلفة جدا من حيث الثمن، حيث يحتاج بعض المرضى من 2000 إلى 3000 درهم من المراهن في الشهر.
وتقوم جمعية التضامن مع أطفال القمر في الدار البيضاء بالمغرب، فضلا عن التدخل في تطبيب المرضى، من خلال الشركات التي تربطها ببعض المستشفيات الجامعية، بلم شمل أطفال القمر بالمغرب، لتوحيد معاناتهم، ومعرفة أعدادهم، التي تجهلها وزارة الصحة، قدر المستطاع، حيث تقدم الجمعية خدماتها للأطفال والكبار المصابين بهذا المرض منذ بداية العام 2013.
يشار إلى أن مرض "أطفال القمر" أكتشف في العام 1870 بواسطة الطبيب المجري مورتيز كابوزيس، ولكن إلى حد اليوم لم يعرف سببه الحقيقي، مما جعل بعض أطباء الجلد، والباحثون في الأمراض النادرة يعزون إلى أن المرض يعود إلى عوامل وراثية، لأنه ينتشر في مناطق تكثر فيها حالات زواج الأقارب.
مقالات ذات صلة
مجتمع
واش بصح