مجتمع
كيف يتم التوجيه المدرسي؟
30/04/2024 - 10:28
مراد كراخييُعرّف التوجيه المدرسي والمهني بكونه مجموع الخدمات والأنشطة التربوية الموجَّهة للمتعلمين، وكذا لكل شخص غير ممدرس راغب في الاندماج مجددا في سيرورة التربية والتكوين في إطار تيسير شروط التعلم والتكوين مدى الحياة، وذلك حسب خصوصيات كل فئة منهم، وفق عبد المجيب المرابط، مدير الوحدة المركزية للتوجيه المدرسي والمهني بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.
كيف تتم عملية التوجيه؟
أبرز المرابط أن للتوجيه المدرسي والمهني أبعاد متعددة تستدعي آليات مختلفة وملائمة، تتمثل أولا في بُعد تربوي بيداغوجي، يشمل مجموع المعارف والمهارات والكفايات التي يتعين مساعدة المتعلم على اكتسابها ليكون قادرا على الاختيار واتخاذ القرار في كل المواقف الحياتية التي تصادفه، وخاصة منها ما تعلق بحياته الدراسية والتكوينية والمهنية في إطار مشروع شخصي يسعى إلى تحقيقه.
وأوضح المرابط لـSNRTnews أن من الآليات الكفيلة بتفعيل هذا البُعد التربوي البيداغوجي "نجد البرامج الدراسية المقررة، حيث تُعتبر الكفايات المتعلقة بالاختيار واتخاذ القرار والمشروع الشخصي للمتعلم كفايات مستعرضة يتم إكسابها للمتعلم عبر وضعيات تربوية متنوعة مدمجة ضمن مختلف المستويات والمواد الدراسية المقررة"، مشيرا إلى أنه وفي إطار الإصلاح البيداغوجي الحالي، تم، "لأول مرة"، إدراج مادة جديدة بمنهاج التعليم الابتدائي تُعنى بتنمية المهارات الحياتية، ومنها كل ما له علاقة مباشرة بمجال التوجيه من انفتاح على المهن واستئناس بمفهوم المشروع الشخصي للمتعلم.
وأشار إلى إحداث مفهوم "الأستاذ الرئيس" الذي يواكب عددا من الأقسام التي يدرس بها فعليا، حيث يتولى مواكبة المتعلمين للاندماج والنجاح الدراسي، ولاكتساب كفايات مستعرضة تتعلق ببناء وتوطيد مشاريعهم الشخصية ذات الصلة بحياتهم الدراسية والتكوينية والمهنية، وذلك باستثمار لجميع الوضعيات التربوية والحياتية التي يمكن أن يعيشها المتعلمون داخل أو خارج فضاءات المؤسسات التعليمية.
وتطرق المتحدث ذاته إلى المواكبة النفسية الاجتماعية، التي يلجأ إليها المستشارون في التوجيه التربوي لمساعدة المتعلمين، الذين يعانون من صعوبات ذات طبيعة نفسية واجتماعية أو يُظهرون سلوكات غير تربوية من شأنها أن تعيق تفكيرهم في مشاريعهم الشخصية المستقبلية، على فهم هذه الصعوبات ثم إيجاد حلول عملية لتجاوزها.
متى يبدأ التوجيه؟
قال مدير الوحدة المركزية للتوجيه المدرسي والمهني بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إنه ينبغي التمييز بين التوجيه كسيرورة تربوية، وبين التوجيه كمسطرة إدارية للحسم في اختيارات المتعلمين من أجل مواصلة الدراسة في مستويات دراسية وتكوينية لاحقة.
وأبرز أن التوجيه كسيرورة تربوية، ينطلق منذ مرحلة التعليم الابتدائي عبر مجموعة من الأنشطة التربوية المدمجة في البرنامج الدراسي، ولاسيما في إطار المادة المتعلقة بتنمية المهارات الحياتية كمادة جديدة أُدرجت في المنهاج الجديد الذي صدرت نسخته النهائية الكاملة شهر يوليوز 2021.
وبالنسبة للتوجيه كمسطرة فتبتدئ، وفق المتحدث ذاته، بشكل محدود جدا في نهاية السنة السادسة من التعليم الابتدائي حيث يمكن لتلاميذ هذا المستوى التعبير عن بعض الاختيارات من قبيل اختيارهم لإحدى المسارات المهنية المتاحة لهم بالتعليم الإعدادي، أو اختيار إحدى شعب سلك التخصص بالتكوين المهني، أما مسطرة التوجيه بكامل ثقلها فتبتدئ نهاية التعليم الإعدادي حيث يكون المتعلمون مطالبين باختيارات المسالك الدراسية والمسارات المهنية التي يرون أن بإمكان سلوكها أن يؤدي إلى تحقيق مشاريعهم الشخصية المهنية المستقبلية.
الأهداف
أكد عبد المجيب المرابط أن نظام التوجيه، بمختلف أبعاده ومكوناته وآلياته، يؤدي عددا من الوظائف تتعلق أساسا بالارتقاء بالفرد وبالمجتمع، فهو يقوم على تمكين المتعلم من مختلف المعارف والمهارات التي تجعله قادرا على استكشاف عوالم الدراسات والتكوينات والمهن، والقيام باختيارات، من شأنها أن تساعده على بلوغ أهدافه المستقبلية أخذا بعين الاعتبار قدراته الفعلية وميوله الشخصي وإكراهات محيطه الاجتماعي والتربوي والاقتصادي، وتجاوز كل الصعوبات والمعيقات التي تحول بينه وبين تحقيق هذه الأهداف.
ويؤدي النظام ذاته، وفق المتحدث ذاته، وظيفة علاجية تقوم على التدخل من طرف مختلف الفاعلين بهدف مساعدة المتعلم، الذي يعاني من مشاكل ناتجة عن اختياراته وقراراته الشخصية أو عن إكراهات خارجة عن إرادته، على فهم مشاكله التي يتخبط فيها وإيجاد الحلول الكفيلة بتجاوزها، كما يؤدي وظيفة مجتمعية تُعنى بترشيد الطاقات البشرية، والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال تيسير الاندماج والتشغيل، والإسهام في تكامل الوظائف والأدوار الاجتماعية للمواطنين من خلال تنويع المسارات والمسالك الدراسية والتكوينية.
عوائق
أكد المسؤول بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة أنه، ولعدد من الأسباب، ذاتية كانت أو موضوعية، قد لا يؤدي نظام التوجيه المدرسي الوظائف الموكلة له بالشكل المأمول، مما قد ينتج عنه وجود متعلمين في وضعية تردد وحيرة ملازمتين لمحطات حاسمة من مسارهم الدراسي والتكويني.
وتابع أن هذا الإشكال يجد تفسيرا مهما له في ضعف إقبال هؤلاء المتعلمين، وهم فاعلون أساسيون في سيرورة التوجيه كما هو حالهم في السيرورة التربوية عامة، على طلب الاستشارات اللازمة من لدن الفاعلين المختصين قبل تعبيرهم عن اختياراتهم، وإرجاء ذلك لحين دخول مسطرة التوجيه حيز التنفيذ بما لا يمنح لهؤلاء الفاعلين هامشا زمنيا أرحب للتفاعل مع الحالات المتوفرة.
وأضاف أنه يمكن أن يجد هذا الإشكال تفسيرا آخر مرتبطا بمدى قدرة نظام التوجيه الوطني على توفير معطيات دقيقة وواضحة حول حاجيات سوق الشغل من الكفاءات، بما يسمح، قبل وقت طويل نسبيا، للمتعلمين من استشراف المستقبل وبناء مشاريع شخصية واقعية.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
مجتمع
مجتمع