مجتمع
أرقام مقلقة ودعوات إلى الحذر بسبب تبذير استهلاك الماء
18/04/2024 - 21:41
يونس أباعلي | حمزة باموويتجه المغرب، تحت ضغط التغيرات المناخية، وما تفضي إليه من توالي سنوات الجفاف، إلى الانتقال من تدبير الإجهاد المائي إلى الاستعداد لمواجهة خطر الندرة.
ذلك ما يؤشر عليه تراجع رصيد المغرب من المياه الذي مافتىء يتراجع بشكل حاد في الأعوام الأخيرة. فقد انخفض نصيب الفرد من المياه من 2500 متر مكعب في الستينيات من القرن الماضي إلى 600 متر مكعب حاليا، وهي حصة ينتظر أن تتقلص إلى 500 متر مكعب، ما يدق ناقوس خطر حقيقي بالنسبة للسلطات العمومية وعموم الناس.
وسعت الدورة 11 لليوم الوطني للمستهلك، إلى تسليط الضوء على دور المستهلك في المحافظة على الموارد المائية وتحسيسه بأهمية مكافحة كل أشكال التبذير أو الاستعمال غير المسؤول، في هذا الإطار أكد رضا مزور، وزير الصناعة والتجارة، أن الجميع "أمام مفترق طرق" بسبب الإجهاد المائي، وأن الخمس سنوات المقبلة "يجب أن تمر بسلام"، وأن الاستراتيجية الوطنية المتعلقة بالماء طموحة وستُمكن من تحصين البلاد من الأزمات ولكن لكي تعطي ثمارها يجب مساعدتها في هذه المرحلة الانتقالية، على حد قوله.
وأشار الوزير، في كلمته الافتتاحية للدورة، إلى أن هناك مشاريع عديدة مفتوحة ستعطي أريحية مستدركا أنه يجب مضاعفة الجهود في ظل الممارسات التي لا تقتصد في استهلاك المياه، مؤكدا أنه "كثيرين مازالوا لا يؤمنون بضرورة الاستهلاك بمسؤولية".
مواجهة الاجهاد المالي، يقول الوزير، "أصبح الآن أولوية وطنية تستلزم تعبئة الجميع"، مشيرا إلى أن الحكومة ضاعفت جهودها لإنجاح هذا التحدي، من خلال تفعيل عدد من مشاريع تأمين إمدادات المياه، بتشييد السدود ومحطات التحلية والاستثمار في إعادة استخدام المياه المستعملة وشبكات ترشيد مياه الري.
معطيات مقلقة
لإبراز أن الوضع في بلادنا صعب، قدمت أسماء القاسمي، مديرة التعاون والتواصل بالمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، في تدخلها أرقاما ومعطيات، أظهرت أن الموارد المائية المتوفرة إلى حدود شهر مارس هي 5.6 مليار متر مكعب، في حين أننا محتاجون لـ16 مليار مكعب لتغطية الاحتياجات المائية.
وأضافت المسؤولة نفسها أن القدرة الانتاجية لمحطات التحلية المائية الإحدى عشر التي يديرها المكتب تفوق 230.000 متر مكعب في اليوم، مضيفة أن المكتب ينتج 7.4 مليون متر مكعب كل يوم إلا أنها لم تخف استمرار التبعية للموارد المائية التقليدية (حفر الآبار، الفرشة المائية...).
لتجاوز هذه التبعية، لفتت إلى أن المكتب يسعى لتطوير الموارد غير التقليدية، والتي يبقى أبرزها إعادة استعمال المياه العادمة وتحلية مياه البحر، إضافة إلى تحسين مردودية شبكات توزيع المياه عبر رصد التسربات في القنوات.
وأكدت المسؤولة نفسها أن مردودية شبكات التوزيع تقدر بمعدل 75,2%، داعية المستهلك إلى مراقبة العدّاد وقراءته لأن ذلك من حق أي مواطن، لمعرفة مستوى استهلاكه لتدبير بشكل أفضل، وأيضا تفاديا لأي خطأ في قراءته من لدن التقنيين المكلفين.
وترى القاسمي أن الحل أمام هذا الإجهاد المائي، هو اعتماد مقاربة تشاركية، موضحة أن المكتب لديه برامج عقود مع جمعيات المستهلك والمجتمع المدني، لأن المستهلك هو الحل في الأخير، في نظرها.
وإلى جانب هذا الحل، أشارت إلى أن المكتب يؤمن بأهمية التوعية والتحسيس، ولديه في كل مديرية قسم للتوعية، كما أنه يفتح المنشآت المائية أمام الزيارات العامة (مدارس، طلاب، باحثين) لمعرفة كيف يتم إنتاج الماء للوعي بضرورة الحفاظ عليه بعد كل المراحل التي يقطعها قبل الوصول على المستهلك.
الماء وشكايات المواطنين
بلغة الأرقام الدالة على صعوبة الوضع تحدث أيضا بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، إذ أكد أن من واجبات المستهلك هو الحفاظ على الماء، لافتا إلى أن معدل الاستهلال هو 60 لترا في اليوم وهو رقم ضعيف بالنسبة له لأن هناك ندرة.
وتابع موضحا أنه يتوجب فتح كل قنوات التواصل مع المستهلك، ليعرف حدود الاستعمال، مبرزا أنه "لا يجب اختزال الاستهلاك المفرض في ماء الشرب، بل أيضا في تلوث وتلويث المياه، وبالتالي يجب ترشيد استعمال مواد النظافة والمواد البيولوجية لأن التلوث الأساسي للمياه آت من المنازل لأنه يتوفر على عدد كثير من المواد الخطرة والمسرطنة".
وديع مديح، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، لفت في مداخلته خلال الدورة نفسها، إلى أن المستهلك له مسؤوليات، من الجانب الاجتماعي، كما أنه الفاعل، لأن لديه أهمية في الاقتصاد الوطني.
وقال "من مسؤولياتنا، رغم أننا مستهلكون، الاقتصاد في استهلاك الماء، ويجب أن نراعي لأن الأمر سيدفع المسؤولين إلى الرفع من أسعار الاستهلاك لردع ممارسات التبذير".
وأظهرت أرقام قدمها مديح والخراطي أن نسبة مهمة من شكايات المواطنين التي يقدمونها لجمعيات المستهلك، تتعلق بالماء (فواتير، العدادات، تسربات)، إذ توصلت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك بـ8500 شكاية في سنة 2023، فيما توصلت الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك بـ4179 شكاية.
ويبقى البحث الزراعي من الحلول الممكنة لمجابهة الإجهاد المائي، كما أكد على ذلك محمد السرايري، أستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، في تصريحه لـSNRTnews، إذ شدد على أنه يتوجب توفير إمكانيات مادية وبشرية، وأن تكون نماذج البحث منبثقة من الواقع وليس تجمعات وأبحاث ميدانية.
وأضاف أن الفلاحة تستهلك الموارد المائية بنسبة كبيرة، وأن البديل هو ترشيد الممارسات الزراعية لدى الفلاح وتفادي اللجوء للموارد الجوفية.
وفي نظره يجب اللجوء إلى الأصناف الزراعية التي يمكنها أن تتأقلم مع الجفاف، وإلى السلالات الأصلية رغم إنتاجيتها الضعيفة لأنها قادرة على تحمل الجفاف، داعيا إلى وضع استراتيجيات على المدى البعيد لضمان مستقبل الأجيال.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
مجتمع
مجتمع