اقتصاد
الطبقة الوسطى .. دعوة لاعتماد نظام جبائي يدعم قدرتها الشرائية
25/08/2023 - 11:22
وئام فراجوفي هذا الإطار، أكد الأستاذ والباحث في قانون الأعمال والاقتصاد بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بدر الزاهر الأزرق، أن الطبقة المتوسطة تعاني من ضغط ضريبي كبير وذلك في سياق يتسم بالتضخم وارتفاع الأسعار، مشيرا إلى أن هذا الضغط يهم خصوصا الموظفين والمستخدمين الذين يتم اقتطاع المساهمات الضريبية مباشرة من أجرتهم الشهرية (المنبع).
إنصاف ضريبي
وأوضح الأزرق، في تصريح لـSNRTnews، أن هذا الضغط يرتبط بفاتورة النفقات اليومية لهذه الفئة من المجتمع، سواء المتعلقة بالنقل أو التغذية أو السكن أو غيرها ما يضعف قدرتها الشرائية، وهو ما تمت ملاحظته خلال الأشهر القليلة الماضية بحيث تم تسجيل تراجع النفقات وتراجع في أولويات الأسر على مستوى النفقات.
وسبق أن سجلت المندوبية السامية للتخطيط، في مذكرة إخبارية حول الوضعية الاقتصادية خلال الفصل الرابع من سنة 2022، زيادة في المستوى العام للأسعار بنسبة 5,3 بالمائة، الشيء الذي انعكس على نفقات الاستهلاك النهائي للأسر المغربية التي تراجع معدل نموها، منتقلا من 7,9 بالمائة خلال الفصل الرابع من 2021 إلى 0,8 بالمائة خلال الفصل ذاته من سنة 2022.
ويرى الأزرق أن هذا الوضع أدى إلى احتدام النقاش حول المنظومة الضريبية، ومدى حيادها وإنصافها، خصوصا في ظل وجود فئات اجتماعية أخرى تكتفي فقط بالتصريحات الضريبية، ولا تعرف اقتطاعات من المنبع على غرار الأجراء والموظفين، بالإضافة إلى تسجيل حالات للتهرب والغش الضريبي، واشتغال فئات أخرى بالقطاع غير المهيكل دون أي إسهام ضريبي.
وأكد الأستاذ الجامعي أنه بات من الضروري إعادة النظر في المنظومة الضريبية عبر إعادة هيكلتها بشكل يحقق إسهامات عادلة لكل المواطنين، ومراجعة في ما بعد مسألة الضغط الضريبي خاصة على مستوى الضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة.
وأشار إلى أن وزارة الاقتصاد والمالية عبرت من قبل عن تقبلها لفكرة مراجعة الضريبة على القيمة المضافة كما سبق أن صرح بذلك الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية فوزي لقجع، عند الحديث عن تخفيض هذه الضريبة والتوجه نحو توسيع قاعدة المساهمين في الضرائب.
وشدد الأزرق على حاجة الاقتصاد الوطني لهذه التوجهات من أجل عودة دوران عجلة الاستهلاك التي تأثرت بشكل كبير بالتضخم، موضحا أن "مراجعة الضريبة على القيمة المضافة من شأنه التخفيف من عبء النفقات المرتفعة، وذلك في انتظار إعادة النظر في المنظومة الضريبية ككل، وتحقيق إنصاف ضريبي، فضلا عن سن ضرائب محفزة للمواطن المغربي على الاستهلاك والإسهام فيها دون أي تدليس".
نفقات الصحة والتعليم
من جهته، يرى الحسين الفرواح، أستاذ مبرز وباحث في الاقتصاد والتدبير، أن الطبقة المتوسطة تحظى بدور محوري في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، إذ تساهم بشكل أساسي في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني من خلال مجموعة من العمليات الاقتصادية كالاستهلاك والادخار والاستثمار والإنتاج.
وأوضح الفرواح، في تصريح لـSNRTnews، أن هذه الطبقة تضررت بشكل كبير وشهدت نوعا من التقهقر في وضعها الاجتماعي ومساهمتها في الدينامية الاقتصادية، بسبب التضخم الذي عرفه المغرب السنة الماضية وبداية السنة الجارية والذي أثر على أسعار جل المواد الاستهلاكية غير المدعمة.
وأكد الأستاذ الباحث في الاقتصاد على ضرورة "تخفيض العبء الجبائي على هذه الطبقة من أجل ضمان مساواة الجميع أمام الضريبة، وتكريس مبدأ الحيادية الضريبة على القيمة المضافة لتقويم الاختلالات المتعلقة بنطاق تطبيقها وتعدد أسعارها"، مقترحا التوجه نحو نسبتين فقط وهما 10 في المائة و20 في المائة، مع إعفاء المواد الأساسية الأكثر استهلاكا من تطبيق هذه الضريبة.
كما شدد على ضرورة اعتماد، بشكل تدريجي، مبدأ فرض الضريبة على الدخل الإجمالي تصاعديا، وذلك في ما يخص الأشخاص الذاتيين، مع الحرص بالموازاة مع ذلك على توسيع الوعاء الضريبي وضمان توازن المالية العمومية لتنزيل مجموعة من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية في الصحة والتعليم والتي تنصب في صالح الطبقة المتوسطة بمختلف أصنافها ومجالات اشتغالها.
واقترح، في السياق ذاته، اعتماد إعفاء ضريبي لفائدة هذه الطبقة عند لجوئها إلى الخدمات الصحية بالمستشفيات الخاصة أو تسديد مصاريف تمدرس أبنائها، وذلك عبر تقديم تصريح للمصالح الضريبية يهم هذه النفقات من أجل استخلاصها من المبلغ الذي يتم اقتطاعه من الضريبة على الدخل، إضافة إلى تخفيف العبء الضريبي على المتقاعدين منهم.
من جهة أخرى، يرى الخبير الاقتصادي أن انطلاق جولات الحوار الاجتماعي في شهر شتنبر والإعداد لمشروع قانون مالية سنة 2024 فرصة لإعادة النظر في الإصلاحات الضريبية، مقترحا، في السياق ذاته، تطبيق نظام المقايسة (indexation) من خلال ربط نسب الضريبة على الدخل بالتضخم من أجل تفادي تراجع القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة.
ضريبة للأسرة
وسبق أن دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في دراسة حول سبل "تعزيز وتوسيع الطبقة الوسطى بالمغرب"، إلى سن ضريبة للأسرة تكون سانحة أثر وتأخذ بعين الاعتبار نفقات التكفل العائلي، مع تعزيزها بتعويضات عائلية أكثر مواكبة للواقع الاجتماعي والاقتصادي للأسر، بما في ذلك نفقات تعليم الأبناء.
وكان أحمد الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئى، أكد في يوم دراسي، في 19 ماي 2021، على الدور الذي تلعبه الطبقة الوسطى، في إسناد الاستهلاك الداخلي وحفز الاستثمار في مجالات التعليم والصحة والسكن، وتضطلع بدور أساسي في دعم نظام الحماية الاجتماعية عبر المساهمات والضرائب التي تؤديها الأسر، مشيرا إلى أنه بفضل قدرتها على الادخار يشكل وجود طبقة وسطى قوة رافعة أساسية لتمويل الاستثمار، كما تدفع تلك الطبقة في اتجاه اعتماد حكامة جيدة في تدبير الشأن العام وتحسين الخدمات العمومية وحفز مسؤوليات الفاعلين العموميين.
وذهب إلى أن وجود طبقة وسطى قوية وواسعة، يعتبر عاملا للاستقرار السياسي، على اعتبار أنها تؤشر على وجود تماسك اجتماعي أقوى وتفاوتات أقل وعلى اشتغال المصعد الاجتماعي، الذي يرى أنه يعاني من بعض المشاكل في المغرب، مشددا على أن اتساع الفوارق الاجتماعية يؤشر على هشاشة وضعف الطبقة الوسطى.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
مجتمع
اقتصاد
اقتصاد