تكنولوجيا
وادي السيليكون .. زلزال يهز عمالقة التكنولوجيا
07/02/2023 - 15:10
وكالة المغرب العربي للأنباءموجة تسريح الموظفين، التي وصفها البعض بـ"حمام الدم"، والتي اشتدت حدتها مطلع العام الحالي، كانت انطلقت في سنة 2022، فقد تم إلغاء عشرات الآلاف من الوظائف، لا سيما في "ميتا"، الشركة الأم لـ"فيسبوك"، و"تويتر"، و"سيلزفورس".
هذا العام، حذت شركات متعددة الجنسيات أخرى، مثل "أمازون" و"غوغل" و"آي بي إم" و"مايكروسوفت" حذوها، مما رفع إجمالي عدد الأشخاص الذين تم تسريحهم إلى 220 ألف.
أسالت العملية الكثير من الحبر، وأثارت العديد من التساؤلات بين المحللين والمراقبين، وكذلك في صفوف ضحايا عمليات التسريح، الذين اعتقدوا أنهم في منأى عن "الهشاشة الاجتماعية" داخل الشركات المرموقة.
ويتساءل برايان ميرشانت، مراسل التكنولوجيا في صحيفة "لوس أنجلوس تايمز"، "لماذا أعلنت العديد من الشركات الأكثر ربحية في جيلنا، والتي لا يزال معظمها ذا مردودية كبيرة، عن عمليات تسريح جماعي للعمال، تباعا؟".
في خضم البحث عن عناصر إجابة، يعتبر هذا الصحافي أنه يتعين تجاوز التفسير المتكرر الذي يقدمه بعض المحللين، ومفاده أن عمليات التسريح تمليها المحن الاقتصادية، وتدخل ضمن إجراءات التقشف التي اتخذتها الشركات بصعوبة عقب موجة التوظيف الواسعة أثناء جائحة كوفيد-19.
وكانت هذه الحجة التي قدمها رئيس "غوغل"، سوندار بيتشاي، لتبرير إلغاء 12 ألف وظيفة، إذ كتب في رسالة بريد إلكتروني إلى الموظفين "لقد قمنا بالتوظيف لواقع اقتصادي مختلف عن الذي نواجهه اليوم".
وبهذا الخصوص، تبرز هيذر لونغ، الصحافية في "واشنطن بوست"، أن المديرين التنفيذيين تعرضوا للتضليل بالنتائج الرائعة التي تحققت خلال الجائحة.
وكانوا يعتقدون، حسب الصحيفة الأمريكية، أن الاقتصاد قد تغير للأبد وأنه يتعين عليهم كسب الحرب على المواهب في وقت كان من الصعب العثور على موظفين"، مسجلة أن صناعة التكنولوجيا تخضع للتعديل وإعادة الهيكلة ولا تعد، بأي حال من الأحوال، مهددة بالانهيار.
وفي السياق ذاته، أوضح الرئيس التنفيذي لشركة "مايكروسوفت"، ساتيا ناديلا، في مذكرة للموظفين، أن تسريح العمال تمليه الظرفية الاقتصادية الراهنة، مشيرا إلى أن الركود أحكم قبضته على بعض أجزاء العالم، فيما ينتظر البعض الآخر دورهم.
وبرأي ميرشانت، تعد حجة الركود واهية، لاسيما وأن الاقتصاد الأمريكي قد أحدث للتو مئات الآلاف من الوظائف في الشهر الماضي.
"بالتأكيد التضخم مؤلم، لكن الاقتصاد يتمتع بصح جيدة"، كما يؤكد الصحافي، الذي يرى أن عمليات التسريح هذه تعد مظهرا من مظاهر "جشع" قطاع التكنولوجيا.
وبالنسبة لمالكوم هاريس، مؤلف كتاب "بالو ألتو: تاريخ كاليفورنيا؛ الرأسمالية والعالم"، فإن "التحكم في تكاليف التوظيف من خلال عمليات التسريح الدوري للعمال يعد جزءا من دورة حياة شركات وادي السيليكون، ويعتبر، في الوقت نفسه، أن عمليات التسريح الأخيرة لا تدخل ضمن استراتيجية متوسطة أو طويلة الأمد، بل تعد محاولة للإبقاء على الشعور بعدم الاستقرار في صفوف العمال.
ويتطرق ميرشانت وآخرون إلى فعل "انتقامي" من جانب المديرين التنفيذيين لهذه الشركات متعددة الجنسيات، خاصة وأن رواتب الموظفين ارتفعت خلال العامين الماضيين، وكذلك قدرتهم على التفاوض وفرض أنفسهم. كما أن عمال قطاع التكنولوجيا، الذين أضحوا أكثر تنظيما ضمن النقابات، كثفوا على مدى السنوات الخمس الماضية مطالبهم من أجل إحداث التغيير، الأمر الذي لم يرق لقيادات الشركات متعددة الجنسيات في كاليفورنيا.
وكتبت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" أن المكاسب الملموسة التي تحققت حتى الآن من خلال تنظيم عمال قطاع التكنولوجيا قد تكون ضئيلة نسبيا، غير أن الزيادات في الأجور والقدرة التنظيمية المتزايدة تهدد نتائج عمالقة التكنولوجيا والسيادة التنفيذية التي تحظى بشعبية في وادي السيليكون.
ويتعلق الأمر، وفق الملاحظين، بمحاولة لتضييق الخناق على القوى العاملة وإبراز هشاشتها. وتوضح الصحيفة أن هذا المخطط ساعد في تحويل عمالقة التكنولوجيا إلى أكثر الشركات مردودية في التاريخ.
في الإطار ذاته، يلاحظ إيفري هارتمانز، المحلل في الموقع الإخباري المتخصص "بيزنس إنسايدر"، أن فكرة "الهشاشة الاقتصادية" ليست بالغريبة على وادي السيليكون، مسجلا في الوقت نفسه أن عمالقة التكنولوجيا وعدوا موظفيهم، خلال السنوات العشر الأخيرة، بـ"الشعور بالأمان والروح الأسرية". ويعتبر هذا المحلل أن هذا الوعد بالانتماء والعمل الجماعي نحو هدف مشترك قد اصطدم بالوهم والخطاب البسيط.
وفي ما يتعلق بتأثير عمليات التسريح هذه على الاقتصاد الأمريكي، فإن الخبراء يقللون من نطاقها، مشيرين إلى أن هذا القطاع يركز فقط 2 في المائة من العاملين في الولايات المتحدة.
وبالنسبة للآخرين، فإن جانب النفقات يعد المتأثر الأكبر، خاصة وأن هؤلاء الموظفين كانوا يتلقون رواتب عالية وينفقون بشكل كبير على العديد من جوانب الحياة.
وبعيدا عن الأثر الاقتصادي لهذه القرارات، فإن المراقبين يخشون من التأثير على الصحة البدنية والنفسية للمتضررين من عمليات التسريح. فوفقا لجيفري فيفر، الأستاذ في كلية الدراسات العليا في جامعة ستانفورد، فإن عمليات التسريح هذه تنذر بالتسبب في حالات اكتئاب في صفوف فئة تعاني أصلا من تداعيات سنتين من العزلة الاجتماعية، التي فرضها سياق جائحة "كوفيد -19".
مقالات ذات صلة
تكنولوجيا
تكنولوجيا
تكنولوجيا
عالم