نمط الحياة
خديجة أسد.. سيدة الشاشة منذ زمن الأبيض والأسود
26/01/2023 - 11:21
إكرام زايد
وحين تغيرت الأحوال، وجاءت الوسائل الجديدة، لم يفتر الحب للفنانة الراحلة خديجة أسد، رحمها الله، إذ لم يتوان المغاربة في تبادل صورها ومقاطع الفيديو الخاصة بها، عبر مواقع التواصل الاجتماعي في كل مرة كانت تطل فيها عبر هذه البوابة الافتراضية أو الشاشة الصغيرة أو المواقع الإلكترونية، تعبيرا منهم عن الوفاء لعطائها الجميل.
عرفت الراحلة خديجة أسد، من البداية، وجها فنيا لصيقا بعزيز سعد الله. فقد شكلت، وزوجها، ثنائيا فنيا متميزا وفريدا من نوعه. شقا طريق الفن جنبا إلى جنب منذ السبعينيات من القرن الماضي، حين انضما معا إلى فرقة الفنان الراحل الطيب الصديقي، التي وثقت لأولى خطواتهما في المجال الفني والمسرحي على وجه التحديد.
وواصل الثنائي خديجة أسد وعزيز سعد الله مسارهما الفني بشكل آخر، بعدما قررا سنة 1980 قول كلمتهما الخاصة عبر التأسيس لتجربهما المسرحية تحت اسم "مسرح 80"، وفي إطارها نجح الراحلان في تقديم مجموعة من الأعمال المسرحية التي نذكر منها "سعدك يا مسعود"، و"النخوة على الخوا"، و"خلي بالك من مدام"، إضافة إلى "برق ما تقشع"، و"كوسطة يا وطن".
استمر الثنائي الفني الراحل؛ خديجة أسد وعزيز سعد الله، في خط مسار التميز، لاسيما عبر مجموعة من الأفلام التي تنوعت بين السينما والتلفزيون، إذ اشتغلا فيها معا، بل وتعدى وجودهما مجال التمثيل، من خلال كتابتهما للسيناريو، أو إشراف الراحل سعد الله على الإخراج.
ومن أبرز تلك الأعمال نذكر: "ساعي البريد" للمخرج مومن السميحي سنة 1980، و"عرس الآخرين" من إخراج حسن بنجلون سنة 1990، و"بيضاوة" للمخرج عبد القادر لقطع سنة 1999، إضافة إلى "الطبيب في كندا" من إخراج عزيز الجاهيدي سنة 2008، و"نامبر وان" من إخراج زكية الطاهري سنة 2009، و"الزواج الثاني" من إخراج الراحل عزيز سعد الله.
ولعل محطة سيتكوم "لالة فاطمة"، الذي عرضته القناة الثانية "دوزيم" لثلاث مواسم ابتداء من سنة 2003، تبقى أبرز ما حقق للراحلة خديجة أسد ذلك الانتشار الجماهيري الواسع، الذي جعل الجماهير المغربية تناديها بلقب "لالة فاطمة"، لتألقها في تجسيد هذه الشخصية التي حملت السلسلة اسمها.
كما قدمت الراحلة، إلى جانب زوجها الراحل، سلسلات تلفزيونية أخرى؛ على غرار "بنت بلادي" سنة 2009 و"دور بيها يا الشيباني" سنة 2013 و"ماشي بحالهم سنة 2018.
وبالموازاة مع هذه المشاركات الفنية، قامت الراحلة بتقديم فقرات برنامج "لالة لعروسة" خلال الموسمين الخاصين بسنة 2009 وسنة 2014. أما آخر سلسلة شاركت فيها الراحلة، فكانت سيتكوم "قيسارية أوفلا"، التي عرضتها القناة الثانية "دوزيم" سنة 2021، وجددت عبرها أواصر المحبة مع جمهور أحب الثنائي خديجة أسد وعزيز سعد الله، الذي قدم للمجال الفني، بكل سخاء وعشق، عطاءات متميزة، سماتها صدق وتضحية واحترافية، وشغف بمهنة تقاسمها الزوجان في الحياة بكل تفاصيلها.
قبل سنتين من الآن، وحين شاع نعي زوجها، الفنان الراحل عزيز سعد الله، لم يتأخر المغاربة في الإعراب عن تعاطفه مع الفنانة الراحلة خديجة أسد، معزيها في وفاة رفيق درب الحياة والفن بعد صراع مع المرض.
اليوم، وهو يودعها، يشعر الجمهور المغربي العاشق للفن، والمحب لـ"لالة فاطمة"، ولتلك الفنانة التي مضت معه من زمن بعيد بالأبيض والأسود، ثم بالألوان، وعبر عدة أشكال فنية، ومن خلال الشاشة الصغيرة والكبيرة، وعلى خشبات المسارح، أنه يودع أيقونة حقيقية من أيقونات الفن الدرامي المغربي.
خديجة أسد ليست مجرد ممثلة بالنسبة إلى المغاربة، بل هي تعبير عن مرحلة من حياة بلد. إنها صفحة من تاريخ الوطن، ستبقى مفتوحة على مر التاريخ، لتُقرأ كل مرة من جديد، وبشكل جديد، وتثير ضحكات، وتسقط دمعات، وتبقي فن الدراما المغربي كبيرا ومهابا كما ينبغي له. رحم الله الأيقونة خديجة أسد، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

مقالات ذات صلة
نمط الحياة
نمط الحياة
نمط الحياة
نمط الحياة