رياضة
غزلان الشباك .. غزالة مهنتها لبؤة
24/07/2022 - 12:26
يونس الخراشيكلمة السر لدى غزلان الشباك ليست هي الموهبة، بل الهدوء. إنها لبؤة هادئة تماما، بالقدر الذي يثير الشك لدى خصماتها بشأن قدرتها على مجرد استقبال الكرة بما يليق، فأحرى المراوغة، ثم التسجيل. ولكنها تفعل كل ذلك، وأكثر. وبهدوء مثالي.
من مواليد 22 غشت 1990، بمدينة الدار البيضاء، ستجد غزلان نفسها تقبل على لعب كرة القدم مع إخوتها الذكور، وباقي الأولاد في الدرب. ثم ستجد نفسها مثالية في الأداء، بحيث سيثير حرصها على اللعب، لأنها عنصر مطلوب في المباريات، حنق أمها إزاء التخلف عن الدروس، فيما سيكون والدها، الراحل العربي الشباك، أكبر مساند.
تقول غزلان، في حوار سابق مع موقع الجيش الملكي لكرة القدم، إنها لن تنسى ما عاشت تلك الكلمة التي قالها والدها ذات يوم، وهو يرد على توبيخ من أمها بخصوص إصرارها على لعب كرة القدم، وتوضح:"قال لها، رحمه الله، دعيها تفعل ما تحبه. أشعر بأنها ستحيي اسمي في عالم كرة القدم. ما قاله مسني كثيرا".
ولأن لكل مجتهد نصيب، فقد بدأت النوافذ تفتح في وجه غزلان مع مرور الوقت. وسيكون نادي عين السبع أول طريقها نحو المجد. فمن خلاله، ثم من خلال فريق الرشاد البرنوصي ستكتشف أن هناك فتيات أخريات غيرها يمارسن اللعبة الأكثر شعبية لدى الذكور. وستعرف، بالتالي، أن بالإمكان الحلم بأفق في عالم الساحرة المستديرة، يليق بفتاة.
لم تكن البدايات سهلة، كما هي العادة في كل مسار مختلف وبلا ضفاف تحفه من الجانبين. غير أن إحساس غزلان بأنها مسنودة من والدها، اللاعب الدولي السابق، وأحد أعضاء الجيل الذهبي للسبعينيات، جعلها تندفع أكثر في التداريب، وفي المباريات، لتثبت أنها على صواب، وأن اختيارها المضي في كرة القدم لم يكن مجانبا للصواب.
وسرعان ما استجاب القدر لغزلان، ذلك أن تألقها في مباراة للمنتخب الوطني ضد نظيره المصري، ستفتح لها الطريق مشرعا إلى الاحتراف. وفي سنة 2010 ستلتحق بفريق المقاصة بمصر. وهناك ستعيش الاحتراف على حقيقته، وستدرك، بالفعل، أنها صارت لاعبة لكرة القدم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
وبعد أن كانت غزلان الشباك مجرد لاعبة في الدرب، ثم في فرق صغيرة بالدار البيضاء، ثم التحقت بالمنتخب الوطني. ستتوقف تجربتها الاحترافية بفعل ثورة يناير في مصر، ليفتح لها باب الزعيم المغربي؛ الجيش الملكي، لتنطلق نحو بداية جديدة. ستطور من خلالها إمكانياتها الأدائية، وحضورها مع اللبؤات، وعشقها للمراوغة، والتسجيل، والتميز.
يقول عنها محمد العبدي، الخبير في الكرة النسوية:"ولما قرر فريق الجيش الملكي إعادة بناء الفريق النسوي، وارتأى انتداب أجود لاعبات البطولة الوطنية التحقت بصفوفه موسم 2012/2013، وما تزال في صفوفه إلى اليوم. حققت مع الفريق العسكري عدة ألقاب : بطولة وكأس العرش. كما لعبت معه نهائيات عصبة أبطال أفريقيا، حيث احتل الفريق الرتبة الثالثة. التحقت بالمنتخب الوطني منذ سنين، واكتسبت معه تجربة كبيرة، وتحولت إلى أفضل نجماته".
ومع أنها تقول، باستمرار، إنها تعيش حياة عادية خارج الملاعب، مثل أي فتاة أخرى. غير أن غزلان الشباك، اليوم، ليست كأي فتاة مغربية أخرى. فهي نموذج رياضي بامتياز. بل هي أكثر من ذلك بكثير. أيقونة قيد التشكل. وهي، في النهاية، نبوءة والدها الراحل العربي الشباك. إنها حياة جديدة لبطل سابق. بطولة بنون النسوة.
فقد أكدت غزلان الشباك، من خلال حضورها البهي في مباريات كأس إفريقيا للأمم، التي جرت فعالياتها بالمغرب، أنها لاعبة متميزة جدا. فهي قوية من الناحية التقنية، يساعدها في ذلك لياقة بدنية عالية للغاية. وفوق أنها تملك نظرة شاملة للملعب، وحدسا خالصا إزاء زميلاتها في المنتخب، وخصماتها أيضا، فهي تستطيع أن تحدث الفارق في سير الكرة بمهارية كبيرة.
أما في ما يخص التهديف، فقد أثبتت غزلان تفوقها في هذا الجانب. ليس فقط من حيث عدد الأهداف التي أحرزتها، وهو مهم، بل من حيث الأسلوب، والحدس، والقدرة على استعمال المهارات، والاختيار بين الأنسب للوضعية التي توجد فيها إزاء الدفاع وحارسة المرمى. فغزلان لا تحرز الأهداف بأي طريقة والسلام، بل لمتعتها، ومتعة العين العاشقة لكرة القدم.
هل قلنا إن غزلان الشباك تتميز بالهدوء؟ أي نعم، فهي نقطة القوة الأهم لدى هذه اللاعبة المهارية المتميزة. ومن جاوروها وجاورنها، وما يزالون، بفريق الجيش الملكي، وفي المنتخب الوطني، يعرفون هذا، ويدركون قيمته بالنسبة إليها، وإلى الفريق المنتخب أيضا. ذلك أنها تمنح المجموعة قدرا كبيرا من الطمأنينة، والثقة في النفس.
قال لي الفرنسي، فيرناندو داكروز، المسؤول عن التكوين في فريق الجيش الملكي، ذات مرة:"غزلان ليست لاعبة عادية. وستصبح مدربة كبيرة مستقبلا". سكت للحظة، ثم نظر إليها بإعجاب، وقال:"شخصيا أوجهها نحو هذا الاتجاه، وأتوقع منها الكثير في عالم التدريب. تملك كل خاصياته، وضمنها رؤيتها الشاملة للملعب".
ومع أن اسمها غزلان؛ أي جمع غزالة، فهي لبؤة حقيقية لا تفوت الفرصة كي تنقض على الهدف، وإسعاد المغاربة. وهؤلاء يبادلونها المحبة، والتشجيع. وينتظرون منها المزيد.
فهل من مزيد؟
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة
رياضة