اقتصاد
الحليمي يدعو إلى تجاوز خسائر الأزمة بالتضامن
15/07/2022 - 17:36
مصطفى أزوكاحبعيدا عن الموقع الذي يحتله كمنتج للبيانات والتقارير، يتكئ المسؤول الثمانيني على "شرعية العمر"، كما يقول. عمر كان فيه في قلب الكثير من الأحداث التي تعطيه القدرة على حدس مسار المنعطفات الحاسمة.
ينبه بعد تقديم الآفاق الاقتصادية لعامي 2022 و2023، يوم الخميس الرابع عشر من يوليوز بالرباط، إلى أن حالات عدم اليقين لم يسبق لها أن كانت أكبر مما هي عليه اليوم، حيث يجب تدبير المستقبل، بينما لا زال المغرب يعاني من خسائر كبيرة لها علاقة بالأزمات ذات الصلة بالجائحة، والانكماش الاقتصادي، ثم التضخم المنفلت، فعودة الحرب بأوروبا.
يشير إلى أن المندوبية قدرت الخسائر الناجمة عن توالي الأزمات منذ العام ما قبل الماضي، حيث يقول: "لقد خسرنا عامين ونصف من النمو الاقتصادي، وثلاثة أعوام من جهود محاربة الفقر، وتسعة عشرة عاما من محاربة الفوارق".
عندما يتناول التضخم الذي يصل إلى 5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، يحاول التمييز بين الخاسرين والرابحين. المقاولات خسرت 24 في المائة من الدخل الخام المتاح، بينما فقدت الأسر 6 في المائة من الدخل الخام، غير أنه عندما يربط التضخم بمستوى استهلاك الأسر، ينبه إلى أن الأسر الأكثر فقرا تعاني من تضخم في حدود 7,5 في المائة، بالنظر إلى كون استهلاكها يهم الغذاء أكثر، ثم إنه يرى أنه، في ظل الجائحة، أضحت بعض الأسر تدرج الإنفاق على الصحة مثلا ضمن النفقات المكرهة Dépenses contraintes.
تدارك تلك الخسائر التي أشار إليها المندوب السامي في التخطيط، تستدعي في تصوره، إذا ما أراد المغرب بلوغ أهداف التنمية المستدامة وتلك التي حددها النموذج التنموي الجديد، الانتقال إلى مستوى جديد من النمو في الخمسة أعوام المقبلة.
سيتأتى ذلك في تقدير الحليمي، عبر تسريع الإصلاحات التي تضمنتها تقرير النموذج التنموي الجديد، علما أن الكثير من التحديات ستظل قائمة من التضخم، والتغيرات المناخية، وتكاليف الطاقة، زيادة على ارتفاع كلفة الرساميل.
ولا يرى الحليمي حلا من تعويض الخسائر ومواجهة التحديات، سوى التضامن، حيث لا يمكن تحميل عبء ذلك للدولة أو الأسر أو المقاولات، داعيا قول الحقيقة كاملة من قبل مدبري الشأن العامة وقبول النقاش والعمل في إطار الشفافية.
جاء تلك التوصية في ظل توقع أن يتراجع النمو إلى 1,3 في المائة، مقارنة بـ7,9 في المائة في العام الماضي، كي يلاحظ أنه عندما يكون أداء القطاع الفلاحي جيدا، يرتفع النمو إلى 4 في المائة، حيث يلاحظ الحليمي أنه عندما يكون أداء ذلك القطاع سيئا ينخفض النمو إلى حوالي 1 في المائة، داعيا إلى كسر هذه الحلقة المفرغة عبر الانخراط في قطيعة على مستوى السياسة الفلاحية والصناعية.
يستحضر الظرفية الحالية المتسمة بالجفاف الذي أفضى إلي تباطؤ النمو وارتفاع الأسعار في السوق الدولية جراء الحرب، داعيا إلى إحداث تغييرات على مستوى السياسة الفلاحية، موصيا بإيلاء اهتمام كبير للاستغلاليات العائلية، بعد الرهان أكثر على الفلاحة العصرية، مشددا على ضرورة التركيز أكثر على الفلاحين الصغار والحفاظ على الخبرات التي اكتسبها المغرب في هذا المجال، خاصة في سياق متسم بالصدمة المناخية التي سيصبح فيها الجفاف معطى هيكليا.
وعاد الحليمي لإثارة موضوع سبق له أن نبه إليه في العديد من المناسبه. فالمغرب ينجز استثمارات تمثل 30 في المائة من الناتج الداخلي الخام، غير أن مردودية الاستثمارات لا تعكس ذلك المجهود الكبير المبذول.
يتساءل حول السبب ويحاول تقديم إجابات محتملة. قد يكون ذلك عائدا إلى إهدار في مكان ما أو إلى سوء تدبير أو إلى كون الاستثمار ينجز حيث لا يجب.
يقدم تلك الاحتمالات، وقبل أن يدعو إلى العودة إلي مبادئ المثالية الأخلاقية، التي يقصد بها محاربة الرشوة، الكارتيلات، والاتفاقيات، مؤكدا على ضرورة تفعيل المؤسسات الساهرة على ذلك.
يذهب إلى أن أول عامل لجاذبية المغرب، يتمثل في دفع المغاربة إلى الاستثمار في بلدهم، ما يدفعه إلى الخوض في موضوع البطء الإداري. بطء لا يمكن تجاوزه، في تصوره، عبر الرقمنة فقط. فهو يرى أن المقاولة الصغرى والمتوسطة، يمكنها الاستثمار، لكن لا يجب أن تهمشها الإدارة، أو تحملها على تقديم رشوة.
ويعتبر أن إصلاح الإدارة مهم، غير أن الرقمنة ليس رديفا للإصلاح. فهو يرى الرقمنة ببنيات إدارية تشتغل منعزلة بعضها عن بعض، وبنيات تراتبية لا يمكنها الاشتغال، داعيا إلي تثمين الموارد البشرية، بالتخلص من معيار الأقدمية كمؤشر في المسار المهني، وإعطاء الفرصة للمستحقين. يعترف أن ذلك سيكون صعبا، لكنه يؤكد على أنه "مادمنا سنكون تحت تأثير الأقل جدارة، لن نتقدم".
تلك إصلاحات مستعجلة في تصوره، خاصة أن المغرب يوجد في سياق غير مسبوق، سيكون له ما بعده.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
مجتمع
اقتصاد