مجتمع
تاريخ الجوائح بالمغرب .. الكرنتينة وفتح المخازن 3/3
16/04/2022 - 23:56
يونس أباعليلقد اصطدمت المواقف في ما بينها حول الحجر الصحي، بين رافض ومؤيد، بشكل قاطع. ويورد كتاب "فتوى الدواء والطبيب"، أن فقيها مغربيا مجهول الاسم قال في رسالة إلى العالم الجزائري حمدان خواجة (1840/1775)، أن "الكرنتينة مما يظهر أنها جائزة كما علم مما سبق وإن كانت من اختراع الافرنج فلا بأس بالاستعانة برأيهم إذا اقتضى الحال، إذ قد برعوا في كيفية التحفظ والتحرز من الوباء وحسم مادته".
ويخلص كتاب "تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب في القرنين 18 و19"، وهو يتحدث عن هذه المراجع إلى أن فقهاء العصر تبنوا في ما يخص الحجر الصحي وجهة نظر متصلبة اتخذت اتجاها صريحا في معارضته، بل والتجأ بعضهم في طار محاربته إلى استعمال سلاح الفتاوى، الذي نعرف خطورته في توجيه الرأي العام المغربي".
في 1878، وافق وزير الخارجية محمد بركاش على فرض نطاق صحي حول طنجة لحمايتها من الكوليرا التي ظهرت في فاس ومكناس، غضب عليه السلطان مولاي الحسن، فأرسل إليه يخاطبه "وتعجبنا من قبولك منهم (السفراء الأجانب) ذلك الكلام وسماعه فضلا عن العمل به مع أنه مخالف لشريعتنا المطهرة، فإن المعتمد في ديننا أن لا عدوى ولا طيرة وأن الذي في أحاديث نبينا الصادق الصدوق صلى الله عليه وسلم أن لا يقدم على بلاد هو فيها (الوباء) ولا يخرج من بلاد ظهر فيها فرارا منه".
كتب قاضي مراكش عبد الله بن خضراء السلاوي على رأي الناصري، "وأما حكم الكرنتينة فهو الحظر، وبه أقول لما فيه من الفرار من القدر والقضاء". وقد ندد العالم الجزائري بالتصور السائد حول الحجر الصحي، إذ أرجعه إلى الجهل وأمر بتطبيقه في العالم الإسلامي ولم يرى مانعا من الاستعانة بالأوروبيين.
النتيجة، بحسب ما ذكره الأمين البزاز في كتابه، هي أن الإيديولوجيا المهيمنة في مغرب القرنين الـ18 والـ19 لم تكن عاملا مساعدا على توجيه اهتمام السلاطين والملوك نحو الاستفادة من التجربة الأوروبية في ميدان الحجر الصحي، مما تسبب في مآسي نتيجة الأوبئة والجوائح.
غير أنه رغم ذلك، كان للسلاطين والملوك دور كبير في تطويق والتغلب على الجوائح التي حلت، إذ كانوا من بين ما يواجهونه به المآسي فتح مخازن الحبوب لتباع أو توزع مجانا، إلى جانب تدابير أخرى ستأتي على ذكرها الحلقات المقبلة.
مقالات ذات صلة
عالم
إفريقيا
مجتمع
عالم