مجتمع
من فاتح محرم إلى عاشوراء .. هل تعطل كورونا طقوس الاحتفال؟
12/08/2021 - 10:48
وئام فراجخلال جولة صغيرة في بعض الأسواق خاصة بالأحياء الشعبية لمدينة الدار البيضاء، يظهر جليا إقبال النساء على شراء المكسرات والفواكه الجافة فضلا عن الحلويات التي تزين موائد المناسبات الدينية، سواء خلال تخليد رأس السنة الهجرية أو عاشوراء أو ذكرى المولد النبوي الشريف.
التمسك بالطقوس
ورغم مرور المملكة بأزمة صحية تتميز بانتشار وباء كورونا، إلا أن الإقبال على هذه المنتجات يبقى "لا بأس به"، حسب ما صرح به أحد الباعة لـSNRTnews، مشيرا إلى أن النساء يحاولن الحفاظ على هذه العادة من أجل إدخال البهجة إلى قلوب أطفالهن.
وتشهد بعض المحلات خلال أيام المناسبات ازدحاما من طرف الأسر التي مازالت تتمسك بالعادات في وقت أهملها البعض ممن يرون أن الوقت يتغير ويتغير معه أسلوب الحياة.
وفي هذا الإطار، يرى سعيد بنيس أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن المغاربة يتميزون عن باقي بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط، خلال المناسبات الدينية ذات الطابع الطقوسي، بالعديد من العادات التي مازالوا يحاولون الحفاظ عليها رغم انتشار جائحة كورونا.
وأضاف بنيس، في تصريح لـSNRTnews، أن الهدف الأساسي من التمسك بهذه العادات هو إدخال البهجة إلى الأسرة عبر اقتناء ملابس جديدة، وبعض المنتجات الغذائية من قبيل المكسرات والفواكه الجافة (اللوز، الجوز، الزبيب، الثمر..) لتزيين مائدة الأعياد الدينية المغربية خلال فترة ما يسمى بـ"العواشر"، فضلا عن تمسك بعض الأسر بعادة طهي "الكسكس بالقديد".
وربط أستاذ علم الاجتماع اقتناء هذه المواد الغذائية بالسياق السوسيو اقتصادي الذي يختلف حسب القدرة الشرائية للمغاربة، مشيرا إلى أنها تدهورت عند العديد من الأسر بسبب تداعيات جائحة كورونا، ما أدى إلى تراجع نسبة الإقبال على مجموعة من المقتنيات التي كانت تعتبرها النساء أساسية أثناء هذه المناسبات.
ومن بين مظاهر الاحتفال خلال الفترة الممتدة من فاتح محرم إلى العاشر منه، ذكر بنيس التراشق بالماء أو ما يسمى بـ"زمزم"، الذي انتقل من احتفال بين أبناء الحي إلى عادة خطيرة ذات عنف مجتمعي ضد الغير.
وتحدث بنيس هنا عن الانتقال من مجتمع العادات إلى مجتمع المخاطر، خاصة بعد انتشار جائحة كورونا وما تستدعيه من احتياطات إضافية لاجتناب المساهمة في انتشار العدوى.
ودعا المتحدث ذاته السلطات المحلية إلى ضبط مجموعة من التصرفات، التي تقع في الأحياء الشعبية على وجه الخصوص، خلال هذه المناسبات، من أجل تفادي موجة جديدة للفيروس مع تزايد الاحتفالات الطقوسية.
مجتمع الاتصال الافتراضي
وحول إمكانية تغيير نمط الاحتفال، أبرز بنيس أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت الآن تغني عن التجمعات العائلية، مشيرا إلى تسجيل هجرة افتراضية من مجتمع التواصل الواقعي إلى مجتمع الاتصال الافتراضي، "ما يتيح إمكانية تخليد جميع الاحتفالات عن بعد".
وشدد أستاذ علم الاجتماع على ضرورة تفادي التهافت على المحلات التجارية ومحلات بيع الفواكه الجافة والحلويات ومستلزمات الأعياد خاصة في الأماكن التي تشهد ازدحاما، فضلا عن تفادي العادات التي يمارسها الأطفال مثل "زمزم" و"الشعالة" نظرا لخطورتها على سلامة الآخرين.
وأشار بنيس إلى أن سياق الاحتفال في "مجتمع المخاطر" يتطلب التزاما تاما من الأسر بالإجراءات الاحترازية، خاصة المتعلقة بالتباعد الاجتماعي والإبقاء على الكمامة، وذلك إلى حين تجاوز هذه الأزمة الصحية، والعودة إلى مظاهر الاحتفالات الكاملة في الأعوام المقبلة.
وأضاف، في السياق ذاته، أن هذه الاحتفالات لا علاقة لها بالدين أو التدين، بل هي مجرد طقوس يمكن الاستغناء عنها عند الضرورة، مشيرا إلى أن المملكة في حرب مع وباء كورونا، "والتغلب عليه يتطلب تغليب منطق الحفاظ على الحياة، على منطق العادة".
مقالات ذات صلة
مجتمع
اقتصاد
مجتمع