إفريقيا
تحديات تنتظر تفعيل منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية
26/01/2021 - 21:48
مهدي حبشييتفق الخبراء على أن ضعف الاندماج الاقتصادي القاري لإفريقيا يحرم شعوبها من فضائل كثيرة؛ إذ لا تتجاوز المبادلات التجارية بين دول إفريقيا 15 في المائة، في حين تزيد تلك النسبة عن 60 في المائة في أوروبا وآسيا.
"أكبر منطقة للتبادل الحر" في انتظار التفعيل
في سبيل تجاوز هذا الواقع، أطلقت دول القارة منذ فاتح يناير 2021 منطقة تجارة حرة قارية، بغية إقامة تكتل اقتصادي يعِدُ بأن يكون أكبر منطقة للتجارة الحرة على الإطلاق، منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية، على صعيد عدد الدول والسكان المنضوين تحته.
ويتوقع البنك الدولي أن يزداد إجمالي حجم الصادرات في إفريقيا بحوالي 29 في المائة بحلول عام 2035، إذا ما نُفذت الاتفاقية على نحو كامل، كما ستزيد الصادرات البينية الإقليمية بأكثر من 81 في المائة.
وتروم الاتفاقية رفع التجارة البينية بين دولها الأعضاء وتشجيع الاستثمار الإفريقي في إفريقيا، عبر رفع الحواجز الجمركية بين دول القارة، لتتحول إفريقيا إلى سوق كبرى بنحو مليار و200 مليون مستهلك. الأمر الذي من شأنه المساهمة في خلق مناصب شغل جديدة ورفع دخل الأفراد والحد من الفقر المستشري داخل القارة.
وقال عز الدين غفران، الأستاذ الباحث وعميد كلية العلوم الاقتصادية والقانونية والاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن الاتفاقية تنص على رفع معظم الحواجز الجمركية، إذ سترفع الحواجز عن نحو 90 في المائة من السلع.
لكن الخبير، الذي كان يتحدث خلال ندوة افتراضية، مساء الثلاثاء 26 يناير 2021، نظمها مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، ربط تحقيق أهداف الاتفاقية بالتنفيذ الكامل لبنودها، وذلك في رأيه رهين بتوفر إرادة سياسية لدى الدول الأعضاء، والتي سيكون عليها معالجة مجموعة من الإشكالات والعراقيل التي حالت دون تحقيق الاندماج القاري فيما مضى.
ويشدد المتحدث على أن التزام الدول الوازنة داخل القارة ضروري لتفعيل الاتفاقية، إذ ينبغي عليها التعهد بتسهيل التجارة، خصوصاً أن ما يعرقل التجارة البينية داخل إفريقيا ليس القيود الجمركية فحسب، بل قيود كثيرة مرتبطة بالسياسة الداخلية للدول.
وعدّد المتحدث مجموعة من القيود التي يمكن أن تحول دون تحقيق الاتفاقية ما تصبو إليه، أبرزها البيروقراطية والفساد اللذين ينخران بعض الدول الإفريقية على نحو متفاوت، فضلاً عن منطق الحمائية الراسخ لدى بعض أعضاء الاتفاقية.
ويرى غفران أن هوة تنموية شاسعة تفصل بين دول القارة، كما تعاني هذه الأخيرة نقصاً في المواهب التقنية والمهنية والبنى التحتية، فضلاً عن إشكالات أمنية عويصة.
المغرب مرشح ليكون في طليعة المستفيدين
وقال غفران إن المغرب مرشح للاستفادة بقوة من هذه الاتفاقية، بالنظر لتنافسية اقتصاده، ولما راكمه من تجارب على مستوى الاستثمار والتجارة ضمن غرب إفريقيا؛ "في انتظار أن يصادق المغرب على المعاهدة المؤسسة، لكونه وقع عليها ولم يصادق عليها بعد، وبالتالي فإن منتجاته لن تستفيد بعد من حرية التجارة والتبادل".
وأوضح أن القيمة الاقتصادية المُضافة التي ستقدمها هذه الاتفاقية للمغرب، هي فتح سوق قارية تعداد زبائنها مليار و200 مليون نسمة لسلعه وخدماته واستثماراته، ما سيسمح للمملكة بالتموقع قارياً على المستوى التجاري والاستثماري، والتوسع، في السياق ذاته، ضمن إفريقيا الشرقية والوسطى، بعدما أبانت عن علو كعبها في غرب القارة.
ويستفيد المغرب من تنوع اقتصاده وتنافسيته بخلاف الكثير من دول إفريقيا، ومن خبرة راكمها من المبادلات التجارية مع دول جنوب الصحراء الكبرى، بحيث يتوفر على فائض في ميزانه التجاري مع مجمل دول المنطقة. كما ينافس في بعض المجالات الصناعية دولاً متقدمة وأخرى نامية، خصوصاً على مستوى صناعات السيارات ومشتقات الفوسفاط والصناعات الإلكترونية والكهربائية.
إلا أن لهذه الاتفاقية وجهاً آخر أقل إشراقاً، يتعلق الأمر، بحسب غفران، بإمكانية تضرر مجموعة من القطاعات المغربية من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، خصوصاً الصناعات الناشئة التي قد تعاني من صدمة تنافسية.
كما من شأن هذه الاتفاقية أن تخفض المداخيل الجمركية التي تشكل نسبة كبيرة من مداخيل مجموعة من دول القارة.
مقالات ذات صلة
إفريقيا
إفريقيا
إفريقيا